الهند بنت “السباكة الرقمية” … فماذا عن الأردن؟
بقلم: د. رامي شاهين
الهند لم تُنتج “تيك توك” أو “فيسبوك” … لكنها صنعت ما هو أهم
رغم أن الهند تضم أكثر من 6 ملايين مهندس برمجيات – أكثر من الولايات المتحدة نفسها – إلا أنها لم تُنتج تطبيقًا عالميًا مثل فيسبوك أو تشات جي بي تي. لكن الهند اتخذت خيارًا استراتيجيًا مختلفًا: بدل مطاردة التطبيقات الاستهلاكية، ركزت على البنية التحتية الرقمية (Digital Plumbing) التي تحولت إلى نموذج عالمي.
UPI: أكثر من 20 مليار معاملة شهرية بزمن استجابة أقل من 50 ملي ثانية.
Aadhaar: يعرّف 1.3 مليار مواطن خلال 200 ملي ثانية.
CoWIN: وزّع أكثر من ملياري جرعة لقاح دون توقف.
ONDC: بروتوكول تجارة مفتوحة يعيد تشكيل السوق.
هذه ليست تطبيقات استهلاكية، بل بنية تحتية وطنية تعادل ما لم تصل إليه حتى وادي السيليكون.
الأردن … بين الاستهلاك والفرصة الذهبية
في المقابل، الأردن يعتمد بشكل شبه كامل على المنصات الأجنبية (فيسبوك، تيك توك، يوتيوب). بينما توجد محاولات جزئية في الهوية الوطنية الذكية والدفع الإلكتروني، لكنها لم تُبنَ كمنظومة وطنية متكاملة على طريقة “IndiaStack”.
لكن هنا تكمن الفرصة الكبرى للأردن:
بناء “JordanStack” كمنظومة متكاملة تضم الهوية الرقمية، الدفع الإلكتروني، السجلات الصحية والتعليمية، والتكامل بين الوزارات والقطاع الخاص.
ربط هذه المشاريع في نسق موحّد بدل الجزر المنفصلة الحالية.
بنك وطني للعملات المشفرة: نقلة نوعية
إلى جانب الهوية والمدفوعات، يمكن للأردن أن يقود المنطقة عبر إنشاء:
بنك وطني للعملات المشفرة يعمل كمنصة مركزية:
يتيح للمواطنين فتح محافظ رقمية آمنة.
يسمح بتداول العملات المشفرة ضمن إطار قانوني.
يربط استثمارات البلوكتشين والمشاريع الناشئة الأردنية ببعضها البعض.
يوفر قناة رسمية لدمج الاقتصاد الموازي داخل النظام المالي الوطني.
التنبؤات الرقمية للعوائد على الأردن
لو تبنى الأردن هذه الاستراتيجية (JordanStack + البنك المشفر):
1. المدفوعات الرقمية:
إذا وصلت الأردن إلى 500 مليون معاملة شهرية (10% من حجم UPI في الهند)، وبمتوسط رسوم 0.01 دينار للمعاملة → 5 ملايين دينار شهريًا عوائد مباشرة.
2. البنك الوطني للعملات المشفرة:
حجم سوق الكريبتو عالميًا يتجاوز 2 تريليون دولار.
لو استحوذ الأردن على 0.05% من التداولات (عبر أردنيين أو استثمارات إقليمية) → نحو 1 مليار دولار سنويًا عوائد تداول ورسوم تنظيمية.
3. المشاريع المرتبطة في نسق واحد:
تقليص التكرار والهدر بين المؤسسات الحكومية قد يوفر 10–15% من ميزانية التشغيل الحكومية (ما يعادل 800 مليون دينار سنويًا تقريبًا).
الهند أثبتت أن النجاح لا يُقاس بعدد التطبيقات، بل بقدرة الدولة على بناء البنية التحتية التي تدير الاقتصاد كله.
الأردن إذا أراد أن يدخل اللعبة الرقمية بقوة، فعليه أن:
1. يبني JordanStack كبنية تحتية رقمية متكاملة.
2. يؤسس بنكًا وطنيًا للعملات المشفرة يضع عمان في قلب الاقتصاد الرقمي العالمي.
3. يربط المشاريع الوطنية في نسق موحّد، يحوّل التكرار إلى تكامل.
بهذا الشكل، لن يكون الأردن مجرد مستهلك لتقنيات الآخرين، بل مُصدّر للبنية التحتية الرقمية ومركزًا ماليًا مشفرًا للمنطقة
